اليوم الحرم الإبراهيمي وغدا القدس
علاء الريماوي خبير شؤون القدس والاستيطانيبدو أن الموت تعفن في الأجساد العربية التي لم تعد تغضب ، مساجد تسرق ، وتاريخ ينحر وأعراب في الطرقات سكارى ، لا يسمعون ألأخبار العاجلة التي تداهم أسماع الدنيا .
الحرم الإبراهيمي الحلقة الأخيرة في مشهد الأخبار العاجلة الحزينة، إسرائيل بإجماع حكومتها وبمباركة كبيرة من المؤسسات الصهيونية في العالم تعلن أن الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل و مسجد بلال بن رباح رضي الله عنه من الأماكن التراثية الأهم لليهود، بحجة وجود قبر راحيل والدة النبي يوسف عليهم السلام في محيطه، سرقت في وضح النهار لتاريخ منذ إبراهيم عليه السلام، وجذر حكايته الإسلامي أكده العصر العباسي والأموي الذي شيده على الصورة التي نشاهدها اليوم، وفي تاريخه حرره صلاح الدين بعد معركة حطين بعدما سرقته حملة الصليب على بلاد العرب ، مسجد إسلامي يعبث به دجل التلمود المزيف ليعاد التأكيد على سرقته في كرى أليمة نسجت في الذاكرة الإنسانية (مجزرة الحرم الإبراهيمي الحادثة 25 |4 |1994 ) لتؤكد إسرائيل للمرة الألف وعلى صدى الدم المسفوك في أنحاء المسجد أن العربي في وطنه أضغاث ماض لم يعد لها في الحاضر ملامح ، ويصدقون حين يمر الخبر صامتا ولا ترتعد معه عروش ولا يسمع في الأمكنة أذان ولا يتململ معها أحد .
هذا الصمت يلد حتمية السيطرة على القدس التي لم يعد المشهد العربي فيها واضحا، بلدة قديمة سرقت بيوتها وتبقى من حواريها العربية ما يقل عن 20% بيد العرب ، وأراضيها اليوم يسكنها نصف مليون مستوطن توزعوا في تضاريسها كسرطان إبتلع الجسد ، وفوق كل ذلك مسرى محمد عليه السلام ، يسرقون روحه بأخاديد يحفرونها تحت المسجد ليبقوا للعربي قشرة الأرض الظاهرة التي سرعان ما تقع كما حدث اليوم في منطقة باب خان الزيت من انهيار يضيف لقتامة المشهد رعبا حذرنا منه ألف مرة من غير صدى، ثم بعد ذلك يناقش في عالم السياسة ، نفاوض، وعلى استحياء نحتاج لذلك قرارا من قمة العرب التي ستعقد في طرابلس ، ثم يبرر ذلك خوف عنف قد يحدثه جمود في عملية السلام .
سادتي ما ضاع الحرم إلا لما صمتنا عن عنجهية المؤسسة الإسرائيلية التي حرقت مسجد ياسوف قبل شهر من اليوم ، وحولت محاريب الصلاة في مساجدنا العربية في أراضي الداخل إلى خمارات ومراقص، وبيوتا للعاهرات ، وفوق كل ذلك حولوا مقابرنا وأجداثا تضم الصحابة إلى أمكنة عهر يمارسون فيها الرذيلة ويصبون على أحجارها الخمر (كما حدث في مقبرة مأمن الله) ثم بعد كل ذلك لا ترى من يهز الجذع يوقظ أمة النيام .
الموقف وخطره أخرجا قلمي عن الحديث بمنطق التحليل إلى شجون أبثها لتحكي وجعا تبكيه مآذن المساجد المأسورة على امتداد الأرض الفلسطينية.
أما وإن جاء حديث السياسة فلابد من الوقوف على جملة من المواقف التي تحمي ما تبقى من كرامة لهذه الأرض.
1. اعتبار موقف إسرائيل من الحرم الإبراهيمي بمثابة الإعلان رسميا عن وئد كافة المبادرات الرامية إلى إعادة الحياة للعملية السلمية وإنهاء لكافة الالتزامات التي نصت عليها اتفاقات السلام السابقة.
2. التأكيد على أن الحرم الإبراهيمي يوازي مساجد القدس سياسيا والتعاطي مع ذلك وطنيا بما يناسب الرد على الاستيلاء على قبة الصخرة.
3. الذهاب وفورا إلى مصالحة من غير إتكاء على مشاريع فصائلية وتبعيات تريد السقوط لوطن في حضن إسرائيل
4. إعادة الاعتبار للشارع العربي وقواه لنصرة تاريخ تحرقه عنجهية إسرائيل التي لم تعد تحسب للعرب حساب
5. الوقوف في قمة طرابلس من القضية الفلسطينية موقفا يعيد للنظام العربي بعضا من كرامته المستباحة على أيدي إسرائيل.
نقاط لن تلامس أسماع معتصم، وأخبار عاجلة ستبث في أصقاع الأرض سيسمع صداها، سوى في القصور الملكية المحجوبة عن أنين التاريخ والرعية، سيمر الخبر عن إعلان كبير حول استئناف المفاوضات، وفشل في تحقيق المصالحة، وفي ذلك مباركة لإسرائيل على قدس يقام فيها معبد يهود ، وحينها سيقال أكلت القدس لما أكل حرم الخليل وبلا حراك .